“تمتلك بلادنا موروثا ثريا من الثقافة الشعبية الغنية بالامثال والقصص الخيالية المليئة بالحكم والعبر وقد حيكت هذه الثقافة على مر العصور من طرف سائسين مهرة و ذوو خيال واسع حيث
كانو يُخرجون أفكارهم مجسدة على حيوانات توصف بالدهاء ك “السنجاب” وأخرى بالمكر ك “الثعلب” والغباء احيانا ك “الدب” وفي بعض الأحيان يتعدى البعض من سائسي القصص والروايات الخيالية حيز الخيال ليسقطها على الواقع احيانا، و نذكر على سبيل المثال المستشارة “ريلة” والكذاب “ولد اجنب” والغبية “فاطمالعريف ” و الحكيم “ديلول” ( وان كان الأخير شيئ من الواقع ) وذهب من هم اكثر جرءة إلي تسمية قبائل وشرائح بعينها ووصفها بتدين شاذ قريب من الكفر واخري بعلم شاذ قريب من الجهل….الخ
— وليس عندي من الجرءة ما أسمي البعض منها خوفا على كتابتي من عدم النشر وعلى شخصي من تفسير لا اقصده أصلا –
ومع تكرار الجدات للحكايات على مسامع الصغار تلقف أصحاب الطموح المُثل العليا في الخيال متصفين بها في الواقع مع تسليط الضغوط على غيرهم لقبول دور الضحية بفرض الخيال واقعا وساعد في تجسيد ذلك سيادة عصور الظلام وشح الموارد والعلوم ليقبل الضحايا مواقعهم حتى ولو كانو مكرهين على قبولها خوفا في بعض الأحيان وطمعا أحيانا اخرى وهنا سادت عبارات التجميد و وكذلك عبارات الدونية وما صاحب ذلك من ألفاظ عميقة ذات تأثير سطحي جنبا إلى جنب مع اخرى سطحية ذات تأثير عميق جدا
و مع نعمة الدين الإسلامي السائد و الذي يمجد صراحة ويثني على الطبقات التي تصنف بأنها مقبونة اجتماعيا حُسب ذلك من قبلها ردا للجميل اتجاهها وكأنه تعويضا عن التقصير الإجتماعي السائد دون تأويل مصدر التعويض هذا وهكذا تعايش سكان هذه البلاد
ومع التقدم الحضاري والثقافي والحقوقي الذي تشهده بلادنا كسائر بلدان العالم تعين على الشرائح المقبونة اجتماعيا – في السابق – الجهر بأنينها لعلها تجد لفتة من ركب الحضارة المتسارع وفي المقابل لا يخفي غيرها رغبته في نسخ الماضي والصاقه بالتاريخ حيث ما نزل وكيف ما ارتحل ! لتكون نقطة التصادم حتمية وإن كانت غير مرغوبة من طرف الجميع .
ومع مرور ركب الحضارة – في هذه الفترة الغير مسبوقة من تاريخ البشرية – بدوامات الفضاء السيبراني المفتوح وجدت الشرائح الاجتماعية كلها أنفسها في “برميل بارود” وفتيل اشعاله بأيدي فئاتها الاقل رشدا و الاكثر عرضة المخاطر
وهنا تبرز مشاكل الخصوصية حيث أن طريقة تصرُّف الشخص على الإنترنت يمكن أن تكشف عن بيانات خصوصية وأن تسهِّل تعرُّضه لأخطار مختلفة في الفضاء السيبراني. وإلى جانب ذلك، تتعلق الخصوصية بأفعال الأفراد، ولا سيما بالكيفية التي يمكن أن يؤذي بها الناس بعضهم بعضاً (على سبيل المثال، من خلال تداول صور شخصية أو تصوير تصرفات دون موافقة الشخص المعني).في مجتمع محافظ وحساس تحت وصاية قضاء وطني لم ينضج بعد لفتح ملفات توصف من طرف مؤسسات القضاء القوية والعريقة بأنها معقدة جدا فما بال قضائنا الناشئ كبلادنا الناشئة مع التزامها بكل قيم الجمهورية وخاصة من مساواة وعدل بين جميع أفراد شعبها.”