“في وقت بلغت فيه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مستويات خطيرة من الصعوبة، وأحكم المفسدون القبضة على أغلب مؤسسات الدولة، وتكرست ممارسات القمع وازداد عدد المعتقلين في السجون وتلاشت – أوكادت- الآمال التي علقها البعض على خطوات الانفتاح المحدودة التي لم تثمر سعيا جديا لحل المشكلات ، تأتي الاستقبالات الكرنفالية المهينة في روصو وما فيها ويصاحبها من استعراضات قبلية وتعطيل للمصالح الإدارية ، ومن قبل ذلك خطاب الرئيس في الاستقلال لتتوج معا حالة إحباط كانت نذرها بادية في المشهد الوطني منذ أشهر؛
– فبدل استشعار الأزمة والحديث عن سبل حلها اختار الرئيس في خطاب الثامن والعشرين من نوفمبر تقديم صورة وردية عن الحلول المقدمة وكأنها كانت ناجعة أو قريبة من ذلك في حين يكشف الواقع أنها كانت حلولا جزئية مرتجلة فاقدة للرؤية مكرسة في بعض الأحيان للاختلالات القائمة وفي كل الأحوال فقد فشلت في الحد من الفقر والبطالة والهشاشة والتفاوت.
كما فشلت في حماية عموم المواطنين ومحدودي الدخل وعديميه منهم بشكل خاص من موجات ارتفاع الأسعار ، وأهدرت فرص الاستفادة من طفرة ارتفاع أسعار الحديد ومن إلغاء نسبة معتبرة من الديون وتأجيل سداد نسب أخرى.
ويكفي هنا لتتضح الصورة أكثر مقارنة الأسعار اليوم والأسعار في نفس اليوم من العام الماضي أو من ذاك الذي قبله لنجدنا أمام أحد الثوابت التي لا تتتغير في هذه البلاد فالأسعار ترتفع دائما ولا تتراجع أبدا!!
وهنا يطرح الواقع أسئلة هامة تظهر تقصير الحكومة بل غيابها، فمالذي قامت به الحكومة للحد من انعكاس الظروف الدولية على أسعار المواد الأساسية؟
هل ألغت الزيادة غير المبررة على أسعار المحروقات؟
ما هي وضعية الزراعة عندنا؟
هل عملت الحكومة على الحد من تصدير نوعيات السمك المستهلكة محليا لضبط سعرها في أسواقنا المحلية؟
هل دعمت الدولة القدرة الشرائية للمواطن من خلال رفع الأجور؟
ولماذا تأخر إنشاء الشركة البديلة عن سونمكس سنتين؟
– وفي شعبوية تلامس حدود الاستخفاف يتحدث الخطاب عن الفساد وخطورته، وخطورة الانتقائية فيه؛ وكأن الخطاب هنا صادر من جهة غير ذات صفة يكتفى منها بتسجيل موقف أو انتقاد ممارسة.
إن هذه الفقرة من خطاب الاستقلال تستدعي طرح أسئلة تحتاج أجوبة بالأفعال لا بالأقوال ؛ من الذي عين المفسدين وأعاد تدويرهم ومكن لهم في أهم مفاصل الدولة ، من الذي عطل نشر تقارير التفتيش ولم يرتب على التقرير اليتيم الذي نشر منها ، من الذي أفرغ التحقيق البرلماني من محتواه، وكرس الانتقائية في التعاطي مع المشمولين ضمنه، من الذي تغاضى وربما شجع انتشار ممارسات الفساد وصفقاته.؟!!!
لقد جاء خطاب الثامن والعشرين من نوفمبر ، والحشود الكرنفالية في روصو اليوم ليؤكد من جديد عمق وتفاقم الأزمة متعددة الأوجه التي يواجه البلد، والتي ظل حزبنا يلفت الانتباه لها ويؤكد على ضرورة معالجتها بجد وحزم ، وكان آخر ذلك المهرجان الشعبي الحاشد الذي دقت فيه جماهير نواكشوط ناقوس الخطر قبل أيام”.