ومرة أخرى، يرجئ حزب الاتحاد من أجل الجمهورية مؤتمره في غيابات جب التقويم اليوناني ليستفز و يربك المشهد السياسي الضبابي و لتستجد من بعد تساؤلات حول المرحلة المقبلة القريبة واستحقاقها الرئاسي المنتظر.
من سيرشح الحزب بإيعاز من رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز؟ وما هي وجهة الأخيرة بعد أن قطعه للرأي العام الشك باليقين بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة في احترام حرفي للدستور ولليمين التي أقسم من ناحية، و إربكه للرأي الوطني بتصريحات جانبية تفيد عدم تخليه عن السلطة من خلال تدابير لم تتضح معالمها بعد ولكنها موضع تدارس في أوساط النظام وفي كواليس الحزب الحاكم وأحزاب الأغلبية التي تدور في فلكه؟
وعلى ضوء تصريحه الأخير لإذاعة فرنسا الدولية حيث أكد عدم الترشح لولاية ثالثة خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2019، فإن الكثير يذهبون إلى أن ما أعقب ذلك من تصريح آخربأنه لن يعتزل السياسة و أنه قد يتولى حتى رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو دليل بحسب الكثيرين على إرادته الإبقاء على نفوذه وتوجيهه سياسة البلد وحكمها من وراء الستار في تأكيد على أن دوره محوري في البلاد حتى وإن ابتعد عن سدة الحكم.
في قراءة متقدمة لهذه التصريحات يكاد يحصل إجماع الكل أغلبية ومعارضة – كل بما يؤول – علي صحة هذا التوجه للرئيس ولد عبد العزيز في شبه يقين بأنه ينوي البقاء من وراء “حجاب العودة قريبا” و بقوة إلى سدة الحكم العلنية فيما يشبه الطريقة الروسية “البوتينية المدفديفية” الشهيرة، طريقة يحاول حتى عدد من الرؤساء الأفارقة إتباعها للبقاء في الحكم من أمثال رئيس الكنغو الديمقراطية جوزيف كابيلا الذي ورث الحكم عن أبيه.
و في مقال له عن موريتانيا ، أفصح جوستين سبيجل عن هذه القراءة، فذكر أنه في شهر أكتوبر الماضي ازدحمت قيادة أركان الجيش الموريتاني على نحوٍ غير معتاد خلال 3 أيام متتالية، بالمهنئين لقائد الأركان محمد ولد الغزواني، بعد أن تمَّ تعيينه في اليوم السابق وزيرًا للدفاع.
و رأى كاتب المقال أن “تعيين الجنرال الغزواني مجرد وزير للدفاع – وهو أول منصب سياسي يتولاه – فاجأ الجميع حتى دوائر السلطة؛ ما يورد تساؤلًا حول حقيقة الإشاعات التي تتحدث بشأن ترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد”.
و يواصل جوستين سبيجل أن لتعيين الجنرال الغزواني سياقه الخاص حيث أنه منذ التزام ولدعبد العزيز بعدم تعديل الدستور ليتمكن من التقدم لولاية ثالثة، مع عدم استبعاده الترشح لاحقًا من بعد، و كذا تأكيده دعم مرشحه الخاص، لم يأل جهدًا في تمرير عدد من الرسائل توحي بأهمية حضوره سياسيا في المرحلة الفضلة بين الذهاب والعودة الأمر الذي يتطلب تحصين النظام و الإبقاءعلى السلطة التي أرسىى دعائمها.
وفيما يلوح قريبا أفق الاستحقاق الذي يوصف بالأهم في تاريخ البلاد، قرَّرت المعارضة المشاركة عكس موقفها في عام 2014 معترفة أنه لا جدال في أن مشروع المرشح الموحد الذي يتم التداول بشأنه هو مشروع وطني لكنه طوباوي لما تعانيه هذه المعارضة من انقسام على خلفية لا تخطئها العين من الخور القوى.
في هذا الصدد يقول زعيم اتحاد قوى التقدم ورئيس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، “إن لجنة تعكفُ على صوغ أنجع الإستراتيجيات الانتخابية لخوض الاستحقاق الرئاسي، مضيفًا أن المرشح الموحد له ميزات إيجابية بادية، وهو الخيار المفضل إلى الآن” على الرغم من أنه لا يلوح لحد الساعة في الأفق اسم بعينه كمرشحِ امتياز للمعارضة و تتهيأ الأسباب لمرحلة ما قبل العودة إن لم تطالعنا بلاد التناقضات الكبرى بإحدى مفاجآتها التي لا يحكمها منطق.