وددت لو لم أتناول هذا الموضوعَ ولم أعبّرْ عن رأيي فيه فعند كثيرين الهمُّ العامّ والتفكير في أمور الأمّة لا يعني الجميع بل يُحْصَرُ في مجموعة لا تحب الاستزادة.
ولو لم يكن الأمر مرتبطا بمصلحة عليا ويكاد من وجهة نظر يكون فرض عين لكتمت ما عندي بشأنه وبقيت ككثيرين أراقب.
نحن ننطلق من أن رئيس الجمهورية أعلن موقفا صريحا من المأمورية لا يصادف رغبة جموع معتبَرة من الناخبين الذين كانوا يسعون في اتجاه آخر ولأن دورهم سيبقي محوريا يتوجب الاجتهاد في الذي يحصل به إرضاء الجميع بكل كياسة.
وأمام هذا الوضع واعتبارا لقرب المشهد فائق الأهمّية لا نملك أكثر من عرض المرشحين المحتملين وذكر ما نعرف سماعا عن كلّ منهم.
فبالنسبة للوزير الأول السابق مولاي ,من التفسيرات التي تُعْطى لوجاهة ترشحه معرفته وتمرّسه بإدارة الأزمات في إشارة إلى فترة الاستثناء المسمّاة أيضا بالتصحيحية حيث تمكّن من صناعة نهج جديد في الإدارة أظهر أن لا تناقض بين الحياة العسكرية والمدنية بعد ما طغي فهمٌ عام وعامّي مؤدّاه أنهما متناقضتان .
ثمّ لأنه قريب من الرّئيس الذي عهد إليه بالوزارة الأولي لأزيد من فترتين ثم بأمانة الرئاسة وهو من جاء به من الخارج حيث كان في الدبلوماسية, الكلّ قد يكون ضمن تهيئة لهذا الوقت بالذات .
ويري كثيرون أن الّرجل بالنظر إلى تلك الخبرة واللين الذي يطبع تعامله مع الجميع يصلح للمرحلة إذ سيلبي طلب البعض لاستمرار النهج وفي نفس الوقت يمثل تبادلا سلميا للسلطة يمكن للمعارضة القبول به لاحتمال أن يكون تعاطيه مع القابل من الأحداث السياسية تعاطيا موضوعيا يأخذ بعين الاعتبار الرّأي الآخر .
كما قد يسمح بإشاعة القوّة النّاعمة وتجنّب خلق ظروف الفوضى و اغتنامها من طرف الطامعين في ثروات البلد ما يسمح بالوصول إلي برّ الأمان.
وبالنسبة للفريق ولد الغزواني فمتّحد-من اسم الفاعل – مع الأوّل في صداقة رئيس الجمهورية فهو أيضا مقرّب ومشارك في كافة الصناعات ومصدر ثقة.
ويُعتقد علي نطاق واسع أن تولَيه الرئاسة بعد الرئيس _إن صحَ ما يُتَداوَلُ-قد تمّ التخطيط له مع إخفاء مقصود إذ لا يُعقل لعيار مثلِه أن يأتي اختياره صدفة أو أن تفرضه ظروف اقتراب تاريخ الاستحقاق.
كما أن كثيرين وقد يكونون علي حقّ يرون فيه ضمانة للأمن والاستقرار في جغرافيا مهدّدة كلّ مرّةٍ بإرهاب متعدّد المصادر وهو ما يعني بصراحة التوجه القائل بضرورة مسك الدّولة من طرف من خبروا الجانب العسكري وذلك لما للأوضاع العامة في شبه المنطقة من تقلبات لا يمكن التنبؤ بها .
زد عليه كونه مقبولا عند العامة حيث صلاته محدودة وأنه فيما يظهر رجل كتوم يحترم رؤساؤه ولا يعرف عنه الشطط في الأمور إضافة إلى انتهاء حياته العسكرية وتوليه الوزارة وحضوره المجالس المدنية ما يرمز إلى بداية فعلية لحياة مدنية .
وبالنسبة لرئيس البرلمان الحالي فهو أيضا صديق حميم لرئيس الجمهورية ويدلّ توليه لرئاسة البرلمان الذي أصبح أحادي الغرف على الثقة التي يوليه الرئيس ,فهو ينوبه وإذا صحّ أن الرئيس مغادر فلم لا ينوبه بالفعل؟
وهو كذلك منتخب وتلك مصداقية قابلة للاستغلال في الترشح فمن يكون نائبا يمكنه أيضا الترشح لمنصب الرئيس إذا توفر الطموح أو كان في ذلك مصلحة عليا للبلد .
يضاف إليه أنه بالنظر إلى ما ذكرنا يرضي الداعين إلي استمرار النهج والعمل على إتمام البرامج العامة على مستوي الأمن والاقتصاد والبني التحتية وجميع مناحي الحياة .
وللذين يميلون إلى أهمية الطبع العسكري للرئيس فهو عقيد متقاعد أصبح لطول عهده بالحياة العسكرية مدنيا ولا أحد يجادل في شرعية ترشيحه.
إن السّعي لإنجاح هذا التحوّل السّياسي الكبير بأحسن حال يفرض بعدا في النّظر بحيث لا نسمح لأي كان ركوب أسباب المروق من المشاركة في الاستحقاق المقبل وليغيّر الطّعم الذي نريد له.
إنه علينا جميعا أن لا نتعامى عن أن بناء الدّولة والدّفاع عن مصالحها هو ما يُكْسِبُ ثقة المواطنين وليجدهم القائدُ وقد اُشْرِبوا محبَته إذا احتاجهم فيكونون له حصنا منيعا.
ميم لرئيس الجمهورية وماتوليه لرئاسة البرلمان الذي اصبح أحادي الغرف إلا دليل علي الثقة الاشكّ أن المناخ السيّاسي الحالي بحاجة إلي فطنة عالية مطبوعة بلين غير مفرط حتى لا يتحوّل إلى ضعف وأن ننفّذ ما نريد بعد تفكير لنتجنّبَ عذابَ الضميِر .
علينا كذلك أن نعي أن كل التجارب المفيدة والملكات المتوفرة أينما وجدت يجب استغلالها ليستفيد منها البلد في تبريد المناخ السياسي لمواجهة الضباب المصاحب عادة للتحوّلات ,فهي ليست للاكتناز.
ومها يكن المُختار من اسم الفاعل –فالمهم أوّلا وأخيرا هو تبني وبحقٍّ المطلبَ ذائعَ الصيت:مصلحة موريتانيا أوَلاً.
لا أقول إنّ مكتوبي هذا به جمالية أدبية تفرض قراءته لكن الجميل فيه هو صدفة تساوي حجم الأسطر بالنسبة للجميع وهو لعمري أمر عجيب ّ!
أدام الله عافيته علي الجميع …