تشكل قمة الدول الخمس التي تنعقد في نواكشوط يوم 6 ديسمبر مسارا تراكميا جديدا في انفتاح المجموعة على المزيد من الفاعلين الإقليمين و الدوليين، و تتجلي ملامح هذا الانفتاح في حضور المغرب على رأس وفد كبير لفعاليات القمة.
لقد استبطن القادة المؤسسون فكرة تحييد و استبعاد بعض الدول المحورية في الساحل و كذلك بعض الدول اللصيقة جغرافيا بالإقليم من عضوية الإطار الذي رأي النور سنة 2014، و ذلك خوفا من المنافسة الإقليمية الفاعلة داخل الإطار و لتجنب طغيان التأثير لهذه الدول، التي نذكر منها السنغال ، التي عبرت في أكثر من مناسبة عن امتعاضها و تغييبها من المجموعة.
صحيح أن حضور المغرب لهذه القمة يتماشي من الرغبة المغربية التي أبدتها الرباط في الفترة الأخيرة للتصالح مع الأطر الأفريقية بدءا من الانضمام للإتحاد الإفريقي و مرورا بمساعي الرباط للالتحاق بالمجموعة الاقتصادية لتنمية دول غرب إفريقيا(سيدياوو) ، لكن رمزية حضور المغرب هنا ترمز لبعد آخر يتمثل في الإقرار الضمني لقادة دول مجموعة الخمس للساحل بضرورة إشراك جميع القوي و الدول المؤثرة بالمنطقة في ملف الساحل، و ذلك لكي ترفع هذه القوي التحفظ عن المجموعة و تتصالح معها مما يساهم في إضفاء تزكية عليها دوليا و يمنحها قبولا لدي الدوائر الدولية المانحة و القوي العالمية المهتمة بمحاربة الإرهاب.
لقد ظن قادة المجموعة أن الأهداف الدافعة للتأسيس ستكون كافية للاستثمار في هذه المجموعة من قبل القوي الغربية، إلا أن ضعف التعاطي مع المجموعة منذ تأسيسها في النواحي المتعلقة بتمويل مشاريعها التنموية و خططتها العسكرية و الأمنية، ولد لدي قادة مجموعة الساحل قناعة راسخة بضرورة حشد الدعم المعنوي لدي دول الإقليم لكي يكون رافعة للدعم المادي الدولي.
هناك مغزى آخر من دوافع انفتاح دول المجموعة على دول الإقليم يتعلق الأمر هنا بالوقوف في وجه المبادرات الأمنية و العسكرية التي تعني بالساحل، فالسنغال مثلا لما تم استبعادها من عضوية المجموعة أنشت إطارا أطلقت عليه اسم منتدى داكار الدولي للأمن و السلم في المنطقة ، و يعتبر المنتدى ملتقي سنويا ينظم بالعاصمة داكار بحضور ممثلين عن الحكومات الإفريقية و شركاء داكار لتشخيص و تقديم مقاربات و سياسات دفاعية و أمنية لمعالجة إشكالات المنطقة في هذا المجال.
لقد أظهرت التمرينات الإبتداية التي أطلقتها القوة العسكرية لمجموعة الساحل تحت اسم “البقرة السوداء”، في أكتوبر\تشرين الماضي بدعم من قوة “بارخان” و في إطار تحضيرات الانتشار و النزول للميدان أظهرت أن هذه القوة لا تمتلك مقومات تأمين المنطقة، حيث أبانت هذه التمرينات عن وجود الكثير من الثغرات المتعلقة بالتنسيق و التواصل و التكيف مع جغرافيا الميدان، هذا ناهيك عن ضعف الوسائل و قلة المعدات.
إن استحقاقات وحجم تحديات الملف الأمني و العسكري الماثلة أمام المجموعة سواء تعلق الأمر بالدعم المالي للقوة الذي يعاني من صعوبات شديدة رغم الالتزامات التي قدمها بعض المانحين لتغطية المصاريف السنوية للقوة، أو الأداء الميداني للقوة الذي يواجه انتقادات قوية من قبل المراقبين أمور تدفع قادة دول الساحل لرفع الوصاية بشكل تدريجي عن الملف الأمني بالساحل، لكن حدود رفع هذه الوصاية ستتأثر حتما بمدي نجاح أو أخفاق هذه القوة. فإذا تأكدت دول الساحل أنه بمقدورها لوحدها القيام بالحرب على الجماعات المسلحة في حالة توافر و حصول الدعم المالي و اللوجستي فإنها لن تسمح لدول جديدة بالانضمام لهذا الإطار، و في المقابل إذا تأكدت من فشل مشروعها الأمني و العسكري فإنها ستخفف دخول نادي الساحل لتقاسم مرارة الإخفاقات.
سيدي ولد عبد المالك