المجتمع المحلي هو قطب الرحى في الدفع بالوطن الى مصاف الشعوب المتحضرة وهو صمام امان الاوطان ودرع الانسان لكن غياب الرؤية الجادة لقادته ونخبته في معظم مراحل تاريخه المعاصر الوجيز كانت اكبر معوقات انسجامه في غالب واحد يقرب تفاوته ويمحو آثار غبنه ويضمد جراح تمايزه وظلمه ويرسخ ضرورة وحدته في كنف الجمهورية الوليدة بعد مخاض عسير وبعد محاولات جمع مرتجلة لأطيافه ومكوناته وترتيب بيته الداخلي دون مصارحة اسرته الواحدة والاعتذار للذين كانوا وقود البقاء في ازمنة الخوف جماهير الشعب التي ستضمن استمرار شكل الوطن وهم يدفعون من دمائهم تكاليف استمراره وطنا للجميع على علىته و ضعفهم وتحت جنح ظلم من كلفوا انفسهم مهمة تأسيس الوطن و المحافظة عليه ولم يفلحوا في تأكيد حقيقة الدواة الوطنية في شكلها الجمهوري .
ان الشرخ الكبير الذي خلفه المستعمر بين الوطن وأبنائه لم يعالج بما يكفي حتى تتأكد الجموع ان الوطن ملك للجميع وانه حاضنتهم الحصرية و ان خيره حق للجميع وفرص الاستفادة منه متساوية معيارها جدية الانتماء اليه والرغبة الصادقة في المحافظة عليه والرضى بمشاركة الكل في صياغة قراره و المحافظة على مكتسباته فهو خزان تاريخنا المشترك وهو كتاب يومياتنا الشاهد على تعثر او انتظام خطواتنا الاولى وما تلاها وكيف كان تعامل الساسة مع الشعب عامة وكم كان كبيرا التقصير في تطبيق قانون الجمهورية على الجميع وكيف تمكن البعض من التعالي على القانون وعلى مؤسسات الدولة الوطنية منذ ولدت حتى اصبح التعالي متوارثا ولماذا اختار اصحاب الرأي والمشورة اشاعة المجاملة دون فرض القانون منذ النشأة الاولى حتى نفرض على الكل الخروج من مفاهيم العيش المفروض في ازمنة الخوف والتشرذم واحتدام الصراع بين المجموعات المحلية من اجل البقاء …
ان اهمال تربية الاجيال على احترام الوطن والاعتراف بتاريخه وتصحيح مساراته الخاطئة واحيانا رفض محاولات التصحيح النادرة مقابل المحافظة على شكل واهن ونخبة تعيد انتاج نفسها في شتى واجهات الوطن السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها من مظاهر عدم الجدية في قبول الآخر واحترام مساحة وجوده على ارض وطنه واستمرار تبرير ممارسات لا علاقة لها بالوطن ولا بالدين العامل القوي الوحيد الرابط للكل والذي لم يسلم استخدامه خطئا في تبرير استمرار النخبة المسيطرة على الوطن ومجتمعه والاكتفاء بترديد شعارات عصور الظلم والظلام وتحميل الضعيف مسئولية الفوضى التي انهكت امكانات الوطن المادية والسياسية والاجتماعية من خلال توارث العفو عما سلف حتى لا تنقطع علاقة الدوائر المسيطرة او المغتصبة بميثاق الميلاد وحتى لا تتاح فرصة الخروج عن معارج تلك الدوائروغيرها من عوائق افرزتها طبيعة المجتمع العتيق وبررتها المخاوف من المستعمر وامته التي شكلها في جسم المجتمع المحلي هي ما تعيق جدية مواجهتنا للجائحة وهي ما يدمر جذوة وحرارة الانتماء للوطن المفصل على مقاسات امة شاخت وترهلت وتغيرت كثيرا بنيتها وشكلها وقاماتها وهو ما اصبح يستوجب اعادة تفصيل العباءة فالشركاء الجدد يريدون حقهم كاملا غير منقوص وعلى ” النخبة ” ان تدرك ان دوام الحال من المحال