منجم سيماندو الغيني يعود إلى الواجهة من جديد بعد أن أصبحت المصالح الفرنسية ممثلة، واستسلام رجل الأعمال الإسرائيلي بيني شتاينميتز امبراطورالماس، وذلك بعد معركة قانونة استمرت عشر سنوات مع حكومة غينيا وريو تينتوعملاق التعدين الأنجلو أسترالي.
ويعد منجم سيماندو في غينيا أكبر احتياطي للخام الحديد عالي الجودة في العالم غير مستغل إذ تغطي المنطقة 1 و 2 من منجم مساحة 369 كيلومتر مربع ، مع احتياطيات مؤكدة 2.4 مليار طن، و محتملة تزيد عن 5 مليارات طن ، وجودة الخامات في المتوسط أكثر من 60 ٪ ، أما القيمة التقديرية للمنجم بناء على الاحتياطيات المؤكدة فتبلغ 230 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبلغ حجم الإنتاج خلال المرحلة الأولى من التطوير 60 مليون طن سنويا على أن يرتفع إلى 80 مليون طن سنويا لاحقا.
وقد تم الإعلان مؤخرا عن فوز الكيان الجديد المشترك الذي يمثل المصالح الصينية والفرنسية، والسنغافورية بمناقصة لتطوير منطقة سيماندو الشمالية في غينيا المنطقة 1 و2 .
ويضم التجمع الفائز :
شركة Winning Shipping ، وهي شركة بحرية سنغافورية ،
UMS شركة لوجستية غينية فرنسية
العملاق الصيني Shandong Weiqiao
وكذلك المجموعة الصينية YantaiPortGroup
وسيدفع هذا الكيان ، الذي تمتلك حكومة غينيا 10٪ من أسهمه ، 15 مليار دولار لتطوير الموقع ، وبناء ميناء جديد في المياه العميقة و خط سكة حديد بطول 650 كم ومن المتوقع أن يصادق البرلمان الغيني على الاتفاق خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
الحضور القوي للصين في المناجم الأفريقية أصبح حقيقة لا مراء فيها بل لا أكون مبالغا إن قلت أن الصين ابتلعت مناجم الحديد الأفريقية، وحتى الآن تمكنت من وضع يدها على مناجم مهمة في كل من غينيا، وسيراليون، و ليبيريا، والجزائر وغيرها، مثل :منجم تانغ كيلي في السيراليون، و منجم سيماندوفي غينيا، و منجم بونغ بونغ في ليبيريا ومنجم غار جبيلات الجزائري؛ مما قد يمنح الصين مستقبلا إمكانية إنتاج أكثر من 100 مليون طن من خامات الحديد المناجم الإفريقية سنويا لكن تكلفة الاستخراج في غالبية هذه المناجم تعتبر عالية نسبيا تقدرها بعض التقارير بحوالي 75 دولار للطن نظرا لغياب البنية التحتية اللازمة، وهذا في اعتقادي ما يعيق تقدم أعمال استغلالها.
وعن تأثير المنجم على شركة اسنيم نعتقد أنه على المدى القريب ليس هناك تهديد لمكانة اسنيم افريقيا من هذا المنجم لكن على المدى البعيد قد يكون هناك تهديد جدي، ومنافسة قوية، خاصة ونحن نعلم أن الصين تسعى جاهدة إلى الرفع من نسبة الاعتماد على الحديد المستخدم (الخردة) الذي يستخدم كبديل عن الخامات المستوردة، وتشير تقارير رابطة صناعة الحديد والصلب الصينية إلى أن حجم إنتاج الصين من خردة الحديد قد تضاعف أربع مرات في الفترة ما بين 2002 و 2016 ليصل إلى رقم قياسي حوالي 143 مليون طن سنويا، وهذه الكمية تكفي كبديل عن حوالي 200 مليون طن من خامات الحديد، ومن المتوقع أن يرتفع حجم إنتاج الصين من الخردة إلى حوالي 200 مليون طن سنة 2020؛ فإن تمكنت الصين من رفع معدل الاعتماد على الخردة، وبالتالي نقص حجم وارداتها من خامات الحديد المستورد فإن خامات منجم سيماندوقد تشكل منافس قوي للحديد الموريتاني في الأسواق العالمية خاصة السوق لأوروبية القربية من شواطئ المنطقة وقد يكون السعي إلى خفض تكلفة الاستخراج و تكلفة النقل، و الدخول في شراكات طويلة الأجل من خلال النمط الجديد للتجارة خامات الحديد عالميا هو ما على شركة اسنيم العمل على تحقيقه.
وقبل الختام لابد أن نسلط الضوء على نوع جديد من الشراكة بين فرنسا المستعمر السابق والصين سمي ” التعاون في أسواق الطرف الثالث” الذي هو في ظاهره نموذجا جديدا للتعاون الدولي يوظف مزايا كل من الصين وأوروبا في الاستثمارات المشتركة في البلدان النامية كسوق طرف ثالث لكن الحقيقة أن هذا النوع من التعاون يقسم كعكة المصالح إلى ثلاث بعد أن كانت شطرين فقط في التعاون الثنائي الصيني الإفريقي مثلا.