تقع مدينة ولاته أو(ولا تن) التاريخية في ولاية الحوض الشرقي على بعد ازيد من 100 كلم من عاصمة الولاية .
وقد اعلنتها اليونيسكو موقعا للتراث العلمي ويعيد المؤرخون تأسيس هذه المدينة الى القرن الاول الميلادي حيث كانت تعرف ب(بيرو) وتوصف خلال حقبة الملثمين( بوالاتن) ومع دخول الاسلام الى الصحراء عرفت المدينة ازدهارا كبيرا حيث كانت محطة للتجار والقوافل القادمة من الجنوب الافريقي متجهة الى الشمال.
وفي مطلع القرن الرابع عشر الميلادي زارها الرحالة المسلم ابن بطوطه وتحدث عن الازدهار الكبير الذي كانت تعرفه المدينة بحكم موقعها الاستراتيجي كنقطة وصل بين الاقاليم الافريقية بالجنوب وبين الدولة الاسلامية في الشمال حيث وصف رخاء معيشة اهلها بقوله :” ويجلب اليهم تمر درعة وسجلماسه وتأتيهم القوافل من بلاد السودان ويحملون الملح ويباع الحمل منه في ولاتن بثمانية مثاقيل الى عشرة ويباع في مدينة مالي بعشرين مثقالا وربما يصل الى 40مثقالا وبالملح يتصارفون كما يتصارف بالذهب والفضة يقطعونه قطعا ويتبايعون به”.
ومنذ ملطع القرن ال16الميلادي عرفت مدينة ولاته بداية نهضة فكرية كبيرة حيث اصبحت احد مراكز الاشعاع الثقافي العربي الاسلامي ، وهاجر اليها عدد كبير من علماء مدينة تمبكتو التي عرفت قلاقل وفي نفس الظروف هاجر اليها علماء ومفكرون من فاس ومراكش وتلمسان كما استقر بها بعض اهالي توات من جنوب الجزائر وبعض العائدين من الاندلس التي سقطت نهائيا بيد الاسبان 1492.
وقد رفد هذا الكم المتنوع من المهاجرين المدينة بمصادرها الثقافية التي بقيت حتى الان وسمح لها في نفس الوقت بان تتحول خلال القرون الخمسة الماضية الى منارة ثقافية وعلمية وعاصمة من عواصم الفقه المالكي كما تجد هذه الروافد المختلفة ماثلة في العمارة الولاتية وفي عادات سكان المدينة المتحضرة.
وتشتهر البيوت الولاتية من فن امارة خاص بها مستوحاة من العمارة العربية الاسلامية خاصة منها الاندلسية والمغربية
ويبدو ذلك من طراز مواد البناء وايضا في انواع زخرفة مع جنوحها الى البساطة ومن استخدام خامات محلية من فخار وجص وزليك وحجارة ملونة تضمن قوة البناء وانسجامه مع المشهد البيئي العام الذي وضع فوق مرتفعات الحوض جاثمة بجلالها لقلعة تحرس هدوء الصحراء وتتبرج بجمالها في المرتفعات الشامخة .