كانت الساعة تشير إلى الصفر..،تقدم المفوض متبوعا بجيش من الشرطة المسعورة و قوات مكافحة الشغب المتعطشة لقمع الطلاب..،أخبرت المفوض أن الطلاب أولى بالحماية من بناية الوزارة التي يرابطون أمامها منذ حراك الطلاب الرافض لقرار سيدي سالم،أعارني الصماء من أذنه و أعطى اوامره لفض الإعتصام بالقوة.
تقدمت القوات نحونا بالعصي و التنكيل و السحل..وجدتني مرميا في سيارة الشرطة بطريقة وحشية،كأنهم يرمون سقط متاع،أو بقية عصي..أتبع ذلك رمي متواصل للطلاب.
ثم بدأ القمع داخل سيارة الشرطة ،و التنكيل و صنوف التعذيب،..و سادية مرضية،إنهم يتلذذون بسماع صوت الأنين،يضحك الواحد ملئ فيه ثم يضربك بحذائه الخشن..يقابلون طلابا عزلا بوحشية منقطعة النظير:ضرب متواصل،شتم و عبارات ساقطة ،ركل بالأرجل،صفع بالأيدي،و سرقة للممتلكات.
استمر هذا قرابة الليلة البارحة بأكملها..سيارة تعذيب متجولة،تحملنا أشلاء،متسمرين على البلاط،ممسكين بمطالبنا المشروعة نرفعها في وجه الجلادين..مسلحين بالعزيمة،بالإرادة ،بالنصر في مواجة آلة قمعية لا ترحم.
و حين اقترب الفجر..،و لضوء الفجر معناه..،رمونا كل في جهة ،كأننا أشلاء حيوانات سائبة،أو بقية جثث كلاب قتلت لتوها.
هناك في أرض لا ضوء فيها و لا سيارات و لا حتى ظل بشر..،في ذلك الهزيع الأخير من الليل.
تحولت اجسادنا إلى ساحة حرب:جروح متفرقة،آثار كدمات و ضربات نتيجة القمع الشديد و المتواصل.
رفضت النزول من السيارة فانهالوا علي بالضرب مرة أخرى..مرغوني في التراب و أجهزوا على جسدي المنهك من القمع و السحل و الضرب..،إنهم لا يملكون حتى أنفة الحرب حين يجهزون على أعزل:
أسد علي و في الحروب نعامة!
نسمات الصباح المتسللة من بين أسوار الظلام تهمس في آذاننا أن نور النصر قريب،يخرج من بين ركام معاناة الليل..،الليل:الألم،المعاناة،التعذيب ثم الصباح:صباح النصر و فرض التراجع عن القرار الجائر..
لن تكسروا إرادتنا..سنبقى هنا حتى آخر صرخة احتجاج،حتى آخر ذرة أكسجين!
إنها صور توثق جزء من القمع الذي تعرضنا له.