في يوم أغسطس /آب من الشهري الجاري 2019، تم تنصيب محمد ولد الشيخ محمد احمد الغزواني رئيسا للجمهورية الاسلامية الموريتانية..
بعد تصدره في انتخاب 22 يوليو الماضي بنسبة تجاوزت 50 في المائة.
حيث حاز على ثقة مواطنيه؛ إثر تصريحاته التي شكلت خريطة برنامجه الانتخابي، الذي قامت دعائمه على مخاطبة ضمائر المواطنين، بملامسة خواطرهم، تعهدا منه، بتحقيق كل ما يطمحون إليه من تطلعات وردع كل التحديات..
خاطب الغزواني الموريتانيين بمعيار العدل والانصاف..وبميزان الحكمة والرحمة..فملك عنان الفئات..بفخاماتٍ وأمراءٓ وحواشي..
لم يفت الرئيس أن يفكر من منطلق مهده..أن للمجتمع طبقاته..وأن لهذه الإزدواجية أبعادها..وأن لها تأثيراتها..وكان الرئيس -حسب مكانته-محقا في هذه الرؤية..فهو ينطلق من مبدإ الطبقية..الذي يستدعي اللجوء الى اعتناق بعض الصفات كالحكمة والحنكة والهدوء..وهذه صفات لزِم الحالُ الغزوانيَّ أن يتصف بها..
حقيقة أو حكما- لا يهم..
المهم هو أن يعترف سيد القصر الرماديّ، أنه يرأس طبقات..وعليه أن يراعي خواطرها ليظل متمسكا بزمامها..وهذا ما يفرض مناصفة لمراعاة تلك الإزدواجية..
ولعل رئيس بلادنا جرتْ عليه بركةٌ..(على لسان العامية)..فقد وفق في تشكيلة حكومة وصفت بأنها: “أتكنوقراطية”..
إذ أنه في أولى صباح له عٓيّن مدير ديوانه ول محمد الأمين، الذي يمثل الجانب الروحيّ للمريدين..
ثم جاء ولد بدّ ولد الشيخ سيديا،هو الآخر يمثل تيارا روحيا بزعامة “الفخامة”..
هذان التعييان يمثلان اللبنة الأولى لمشروع المناصفة والمشاركة..
وبعد أسبوع من تولي ولد بدّ على رأس الحكومة..وبعد أن بلغت قلوبُ المراقبين الشأن العام حناجرها..ظهرت الحكومة بأسماء. لم تخطر على بال الكهنة والمتنبئين من المحللين والصحفيين..بل كان إعلان الحكومة تنبيها لمن تكهن أو تنبأ بأنه لا مجال للتكهن أو التنبئ في دولة تحكمها ذوي الأوراد.
تمت تشكلة الحكومة، وعرف أن الرئيس الغزواني..كان معترفا بالجميع..طرحت في أولى تشكيلاتها على المنصافة والبعدين-الاجتماعي والشعبوي.
فالغزواني إذن أتى بالعجب..حينما استرجع بعض الوجوه التي تخدُم قبل العشرية ، – في مرحلة الصحو الديمقراطي -كما يسميها البعض- ليُحي الأمل في القلوب الميتة..ويُعيد بالذاكرة إلى تلك المرحلة ذات الطابع المدني..حتى تنصرف الذاكرة عن شخصنة الوضع الراهن ومصدره..
وتجنح إلى مستقبل واعد وقريب..على أيدي ثلة من الأولين – شفعت لهم نواياهم- فدُعوا من جديد- وثلة من الآخرين -لكفاءتهم- نٓجوا..
هاتان الثلتان شكلتا الحكومة.
على أساس تشريك كافة الأوجه المجتمعية.
إن هذه الحكومة -بحسب المعطيات-لتشكل كشكولا..اجتماعيا يمهد لتجاوب ديموغرافي، مع سياسة الدولة.
بوصفه مشاركة ملموسة..تضع الخريطة المستقبلية أمام الجميع بالتساوي.
وإذا كنّا قد تساءلنا في الأيام الماضية عن تأخير الحكومة
فإننا نشيد بكيفية التفكير الذي قاد الرئيس الى تجزئة حكومته.
فالرئيس ذو الكياسة..حفيد أرباب القلوب..مروّض أفكار الكتاب..نجح في وضع أسرار وخفايا..وراء حكومته.
إذ لم يجعلها قسمة ضيزي.
بل قسمها على نحو وسع الجميع..
ومعلوم أن لكل ولاية في الوطن طرائقها..ولا شك أن الرئيس له سجية في معرفة الطرق ..معرفة ألهمته اتخاذ مبدأ المشاركة كبادئة خير.
الذي يعطي كل ولاية بما يليق بها..
مع ملاحظة الفوارق الناتجة عن التفاوت في بعض الأمور..التي هي ميزاننا-للتعيين. وان كان الرئيس بدأ وكأنه معول لهدم تلك النظريات الضيقة..
من هنا كان على الغزواني أن يشكل الحكومةبطريقة ثنائية..تتماشى مع ما يمليه الوقت من اعتبارات..وما يفرضه من تخوفات ..ويبقى لاعتبار الأول هو مبدأ المشاركة..