السفير باباه سيدي عبدالله .. يُلْقِمُ الكنتي حجرا ويصفه بالخائن

استيقظت اليوم على نحو ألْــف كلمة حشرها الكنتي فى تدوينة من تدوينات الهزيع الأخير من الليل، حين تتجافى جنوب العُبَّاد عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقهم ينفقون، فيدلف الكنتي ينفق مما أنطقه الله به من كلمات سبابا وتخوينا للناس، وتعظيما لذاته المعقدة.
استحضر الكنتي أبياتا مختلَفا فى قائلها، وقد ضمَّنها الحجاج فى وعيده لأهل العراق الذين أينعت رؤوسهم وحان قطافها لتُخضِّب الدماء اللحى، وكأني بالكنتي يجعل من عزيز حَجاجا يُفتيه بقطع رؤوس أعضاء مجلس الشيوخ الرافضين للتعديلات الدستورية، وخاصة منهم أصحاب اللحى ((شيوخ حزب تواصل))، ففى عقيدة الكنتي: من لا يتفق مع الحجاج من الموريتانيين خوارج. 
و يقفز الكنتي من الحجاج إلى نابليون فى إسقاط تاريخي آخر يشبِّه فيه مجلس الشيوخ بالجندي النمساوي الذي خان وطنه تزلقا للجنرال الفرنسي الغازي، فجازاه بصُرة من مال ورفض مصافحته.
ثم يسهب الكنتي فى الحديث عن الخيانة حديث العارف المتبحر، قبل أن يفقد الذاكرة فيكتب أن “…الحياة وقفة عز قد تطيح الرأس عن الرقبة لتكتب بالدم المهراق سطرا خالدا.. فالذكر، حسنا أو قبيحا، أطول من العمر”. أبشر بطول سلامة يا مربع…
ألم يعِد الكنتي زعيمه الراحل بالموت دفاعا عنه فى ((سرت)) ثم عُثر عليه – أي الكنتي- حيًّا على بُعد خمسة آلاف كيلومتر من ميدان المعركة؟ هذه – طبعا – ليست خيانة!!!
وحين عاد جسمه إلى موريتانيا ( لا يزال مثبتا على صفحة الكنتي فى الفيسبوك أنه مقيم فى سرت الليبية) انضمَّ إلى الحزب الذي نعت القذافي فى أول بياناته بأنه “مستبد دكتاتوري” و هذه- طبعا- ليست خيانة!!!
ثم ما لبث أن هام لا يلوي على شيء مدافعا عن النظام الذي سلَّم صديقه السابق عبد الله السنوسي لمصير مجهول، وهذه – طبعا – ليست خيانة!!!
ولأنه يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، اجتزأ الكنتي بيتين للمتنبي من سياقهما الأشمل، وقد استشعر غضبة الحجاج الموريتاني الذي يعرف الخيانة على أصولها، وقد تكون مما قرب الكنتي إليه زلفى.
وكأن المتنبي – من نفس القصيدة- أهدى الكنتيَّ و حَجَّاجه ذا السيف البتَّار ثلاثة أبيات يلعبان بها لعبة القط والفأر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
رأيتُكم لا يصون العرضَ جارُكمً
ولا يدر على مرعاكم اللبن
جزاء كل قريب منكُمُ مللٌ **** وحظُّ كل محب منكمُ ضغن
هذا ما توجستَ فى نفسك خيفة إيراده من أبيات القصيدة ، واستبدلتَ خيرَه بالذي هو أدنى كتذكير حجاجك –تزلفا واستعطافا- بأنك الفارس المغوار فى سب الإسلاميين منذ مقال “العقيدة والغنيمة والقبيلة”، ومنذ خيبة أملك فى الرئيس الأسبق اعلي ولد محمد فال، لمجرد أن مدير ديوانه “ترك كل الرسائل والقصاصات التي استلمها من مواطنيه في الغربة على الطاولة التي كان يجلس عليها رئيسه مستمعا لمداخلاتهم…”
ما كنت أحسبك – ياكنتي- تجرؤ على نعت ليبيا بالغربة، وأنت الذي نذرت دمك للدفاع عنها وعن قائدها، ولا تزال روحك فيها بشواهد صفحتك التي تطل علينا منها والناس نيام. و هذه – طبعا- ليست خيانة!!!
أما رفضك لاستقبال الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله فى أرض “الغربة” فهو موقف فى قمة الديمقراطية ومكارم الأخلاق والوطنية، بعد إقرارك باستقبال ومجالسة “انقلابي يُهمل مدير ديوانه رسائل مواطنيه فى الغربة”.
أنا – ياكنتي- مالكيٌّ فى مواقفي وآرائي، ونسبي لا تحققه الشهادة لأجدادك بالصلاح الذي لم يصلك منه – فى أحسن الأحوال- إلا ما يسد الرمق من كنز لغلامين كان أبوهما صالحا.
وأما إيرادك غير الموفق – كالعادة- لحديث النبي عليه الصلاة والسلام مع الفزاري بشأن غلامه الأسود، فتلك شنشنة عنصرية مقيتة ترافقك من أيام الصبا فى كيفة، أيام كان بياض أرز موائد أهل القديمة يعميك عن سواد جلودهم.
تقدَّم – ياكنتي- فأدنى مراتبي فى الضِّراب أن أكون عنترة ابن شداد.