لست من المتشائمين كثيرا حول قطاع أخذنا منه الكثير، وأخذ منا الوقت والجهد، لكني لست مستعدا لتقليد “النعامة” عند كل حدث، إن واقع المشهد الإعلامي في موريتانيا لا يدفع للتفاؤل حول القدرة على مواجهة خطاب الكراهية، الذي أصبح يرتع في مزارع ببلدنا لا تنب غير شجرة الزقوم؛ كما أن تحكم بعض “الطفيليات” الطافحة في مسار إعلام بلغ سن الرشد أمر ينذر بالخطر ليس آنيا فحسب وإنما على المدى البعيد؛ إن أي خطاب سياسي صادق مع ذاته يهدف لمواجهة المرض الذي أصاب مرآة المجتمع، يتطلب أن يضع في الحسبان وبشكل سريع وجاد :
1- ضرورة انتشال الحقل من مسار التيه هذا عبر غربلة العاملين به، تمهيدا لتمهين المخرجات وترشيد المصطلحات؛
2- تنقية الحقل من المتطفلين عبر وضع آلية تشاوريه مهنية ونزيهة؛ تبدأ بإحصاء شامل لعدد الصحفيين، أو الإعتماد على توصيات الأيام التشاورية لإصلاح الصحافة بهذا الخصوص، تطبيقا لمقتضيات ا لمادة السادسة من القانون رقم 2011 – 025 المعدل للأمر القانوني 017/2006 والتي تنص على أن: الصحفي المهني هو الحاصل على دبلوم في الصحافة أو دبلوم في الدراسات العليا مع تجربة مهنية لا تقل عن سنتين في إحدى وسائل الإعلام العمومية أو الخصوصية المكتوبة أو السمعية البصرية أو الإلكترونية أو على تكوين متوسط مع تجربة لا تقل عن 5 سنوات في هيئة إعلامية عمومية أو خصوصية مكتوبة أو سمعية بصرية أو إلكترونية حيث يتمثل نشاطه الأساسي الذي يتقاضى منه راتبا في معالجة ونشر الأخبار.
ويماثل الصحفيين المهنيين المتعاونون مع التحرير والمتعاونون الآخرون والمخبرون المصورون الفوتوغرافيون ومصورو التلفيزيون والمخرجون والعمال الفنيون المشتركون بشكل مباشر في إنتاج ونشر الأخبار. ويستثني من تسمية “الصحفيين المهنيين ” وكلاء الإشهار والمتعاونون بشكل عرضي.
3- الإسراع في إصدار البطاقة الصحفية لوقف هذا الغزو الكمي على حساب الكيف الذي تتحمله ممارسة المهنة في موريتانيا، وذالك وفقا لروح المرسوم رقم 2008-027 الصادر بتاريخ 19 فبراير 2008 والذي يحدد شروط منح البطاقة الصحفية.
4- تفعيل قوانين حرية الصحافة خاصة مقتضيات الأمر القانوني 017/06 حول حرية الصحافة حول حرية الصحافة الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 وذالك لسد الثغرات التي تحيل دون الصحفيين والقيام بواجبهم المهني مع ضمان السلامة في وجه الاعتداءات المادية والمعنوية.
5- تفعيل دور سلطة الضبط الذاتي والتنظيمي لمواجهة النشر الخارج على نواميس العرف والقانون.
6- تشجيع الصحفيين على وحدة الصف والعمل على خلق إطار كمخاطب أوحد للصحفيين.
7- خلق آلية جديدة للوزارة الوصية للتعامل مع الهيئات الصحفية والأفراد العاملين في الحقل، عبر انتهاج سياسة الانفتاح والصرامة معا لوضع حد للفوضى الملوثة للتمثيل والتسمين.
8- إنشاء جوائز صحفية في مختلف الأجناس الصحفية، من أجل إحياء مهارة تطوير القدرات الذاتية عبر تنافس سنوي يضمن تنمية المواهب وصقل روح الإبداع والتمييز.
9- خلق بنية تعلمية وتكوينية تستهدف العاملين في الحقل مع فرض ولوجها –كشرط للحصول على البطاقة- للممارسين للمهنة دون مؤهل علمي يسمح بممارسة المهنة الصحفية.
قد يستكثر البعض هذه النقاط الهامة ويتساءل عن مدى قدرة القطاع الوصي على تنفيذها، وهو محق في ذالك، لكن الجميع على يقين أن الوزارة لم يعد أمامها من خيار عدى التورط في عملية إعادة القطاع إلى السكة، رغم أن الفاتورة قد تكون باهظة جدا نظرا للأفاعي التي تحيط بالقطاع وتعمل من أجل الإبقاء عليه دون تغيير ولا تحريف وذالك لأجندات تخدم الأفراد وتضر بالمجتمع، كما أن التجاهل أمر في غاية الخطورة، وربما تدفع الحكومة ثمنه وبتكلفة أكثر، حينما ينجرف معظم “المتترسين” بقطاع الصحافة إلى التسابق نحو مصانع الكراهية والتطرف!